حكم إعطاء الفقير من مال الزكاة ليحج

السؤال:
امرأة وجب عليها الحج ولم يكن معها من المال سوى ما يكفيها وحدها للحج دون تكاليف المحرم، تقدمت للحج وخرجت القرعة لها ولمحرمها بالحج، وكان المحرم فقيرا لا يملك مالا يمكنه من الحج فهل يجوز لي أن أعطيه من مال الزكاة كي يخرج محرما لها في الحج فيحج هو الحج الواجب وتحج هي علما بأنني إذا لم أعط لمحرمها مال الزكاة ليحج حرم هو وهي من الحج أفيدونا أفادكم الله.
الجواب:
لا يجوز إعطاؤها من مال الزكاة؛ ولو أعطاها فلا تصح زكاته وتكون صدقة لا زكاة عند جمهور علماء الأمة وهو الراجح؛ لأن الله حصر من يعطوا الزكاة في ثمانية مصارف فحصرها بقوله ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة: 60] .
ولأن الحج لا يجب على المكلف ما دام غير مستطيع للحج لقوله تعالى ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97] ، فلا يجب على المرأة الحج والعمرة وهي غير قادرة على توفير نفقتها ونفقة المحرم الذي يخرج معها، فلا تكون مستطيعة للحج من الناحية المالية ما لم يتوفر معها نفقتها ونفقة محرمها، ولا يجب الحج على محرمها أصالة لعدم قدرته على الحج من ماله الخاص أو من مالها.
فإن كان الحج لا يجب عليهما؛ لعدم الاستطاعة المالية فلا يعتبر الحج حاجة أساسية من حاجاتهما لعدم وجوبه عليهما، والحاجة متعلقة إما بالحاجات الأساسية للإنسان كالطعام والشراب والمسكن والملبس والمنكح، أو بالحاجات الشرعية وهي الواجبات الشرعية، وليس الحج مع عدم الاستطاعة من هذه الحاجات لعدم وجوبه على غير المستطيع؛ لما ثبت في سننن الترمذي عن ابن عمر قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة)، والزكاة لا تعطى إلا للفقير أو المسكين لسد حاجاتهما الأساسية أو الشرعية ولا حاجة هنا فلا يعطيان من مال الزكاة.
أما سهم في سبيل الله فليس عاما لأن من عادة العرب في خطابها اللغوي وعادة القرآن الكريم في أسلوبه البلاغي أن يبدأ بعام أو يختم بعام، وسهم في سبيل الله لم يبدأ به ولم يختم به وإنما جاء في آخر المصارف قبل مصرف ابن السبيل فلا يكون عاما وإنما يقصد به شيئا خاصا وهو الجهاد في سبيل الله وهو عرف الشارع واصطلاحه الغالب في استعمال هذا اللفظ، ناهيك أن آية المصارف حصرت المصارف بلفظ ” إنما ” المفيد للحصر وتعميم سهم في سبيل الله ينافي هذا الحصر ويرجع عليه بالنقص، وكتاب ربنا يكمل بعضه بعضا ولا ينقض بعضه بعضا.
صدر الفتوى من كتاب: فتاوى معاصرة، للدكتور أيمن عبد الحميد البدارين، دار الرازي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1434هـ-2013م، رقم الصفحة (64-65).
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.